الخميس، 8 أكتوبر 2009

الاسرة النبوية "عبد المطلب"

2 ـ عبد المطلب:
قد علمنا مما سبق أن السقاية والرفادة بعد هاشم صارت إلى أخيه المطلب بن عبد مناف (وكان شريفًا مطاعًا ذا فضل في قومه، كانت قريش تسميه الفياض لسخائه) لما صار شيبة ـ عبد المطلب ـ وصيفًا أو فوق ذلك ابن سبع سنين أو ثماني سنين سمع به المطلب. فرحل في طلبه، فلما رآه فاضت عيناه، وضمه، وأردفه على راحلته فامتنع حتى تأذن له أمه، فسألها المطلب أن ترسله معه، فامتنعت، فقال: إنما يمضى إلى ملك أبيه وإلى حرم الله فأذنت له، فقدم به مكة مردفه على بعيره، فقال الناس: هذا عبد المطلب، فقال: ويحكم، إنما هو ابن أخى هاشم، فأقام عنده حتى ترعرع، ثم إن المطلب هلك ب(ردمان) من أرض اليمن، فولي بعده عبد المطلب، فأقام لقومه ما كان آباؤه يقيمون لقومهم، وشرف
(0/56)
________________________________________
ص57 في قومه شرفًا لم يبلغه أحد من آبائه، وأحبه قومه وعظم خطره فيهم. ولما مات المطلب وثب نوفل على أركاح بد المطلب فغصبه إياها، فسأل رجالاً من قريش النصرة على عمه، فقالوا: لا ندخل بينك وبين عمك، فكتب إلى أخواله من بني النجار أبياتًا يستنجدهم، فسار خاله أبو سعد بن عدى في ثمانين راكبًا، حتى نزل بالأبطح من مكة، فتلقاه عبد المطلب، فقال: المنزل يا خال، فقال: لا والله حتى ألقى نوفلاً، ثم أقبل فوقف على نوفل، وهو جالس في الحجر مع مشايخ قريش، فسل أبو سعد سيفه وقال: ورب البيت، لئن لم ترد على ابن أختى أركاحه لأمكنن منك هذا السيف، فقال: رددتها عليه، فأشهد عليه مشايخ قريش، ثم نزل على عبد المطلب، فأقام عنده ثلاثًا، ثم اعتمر ورجع إلى المدينة. فلما جرى ذلك حالف نوفل بني عبد شمس بن عبد مناف على بني هاشم. ولما رأت خزاعة نصر بني النجار لعبد المطلب قالوا: نحن ولدناه كما ولدتموه، فنحن أحق بنصره ـ وذلك أن أم عبد مناف منهم ـ فدخلوا دار الندوة وحالفوا بني هاشم على بني عبد شمس ونوفل، وهذا الحلف هو الذي صار سببًا لفتح مكة كما سيأتى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق